ما هو مرض التوحد عند الأطفال

ما هو مرض التوحد؟

مرض التوحد هو ليس مرضاً، بل هو اضطراب سلوكي عصبي معقد، يتضمن الإصابة بضعف فيما يتعلق بالتفاعل والتواصل الاجتماعي مع الآخرين، تطور مهارات اللغة والاتصال، بالإضافة إلى القيام ببعض السلوكيات المتكررة مثل الاهتزاز. ويشمل الاضطراب طائفة واسعة ومتنوعة من الأعراض، المهارات، ومستويات من الضعف والاعتلال. وتتراوح حدته من إعاقة تحد وتؤثر على القدرة على ممارسة الحياة الطبيعية، إلى إعاقة مدمرة تتطلب رعاية مؤسسية.

ويعاني الأطفال المصابون بالتوحد من مشاكل في التواصل مع الآخرين. حيث يعانون من صعوبة فهم ما يفكر فيه أو يشعر به الآخرون. وهذا الأمر يجعل من الصعب عليهم التعبير عن أنفسهم سواء عن طريق الكلمات أو حتى من خلال الإشارات، الإيماءات أو تعبيرات الوجه واللمس.

والطفل شديد الحساسية المصاب بمرض التوحد، قد يعاني من صعوبات كبيرة، قد تصل في بعض الأحيان إلى الشعور بالألم والحساسية تجاه الأصوات، اللمسات، الروائح، أو المشاهد التي قد تبدو عادية بالنسبة للآخرين.

كما قد يعاني الأطفال المصابون بالتوحد من القيام ببعض حركات الجسم المتكررة مثل الاهتزاز، أو التلويح باليدين، وغيرها من الحركات. وقد يكون لديهم استجابات غير طبيعية تجاه الآخرين، يتمسكون ويرتبطون بأغراض معينة، يقاومون أي تغيير يطرأ على الروتين الخاص بهم، أو يقومون بسلوكيات عدوانية أو مضرة ومؤذية لهم. في بعض الأحيان، قد يبدو أنهم لا يلاحظون الأشخاص، الأشياء، أو الأنشطة التي تحيط بهم. كما أن بعض الأطفال الذين يعانون من التوحد قد يصابون بنوبات من التشنج والصرع، وفي بعض الحالات قد لا تحدث تلك النوبات حتى بلوغ سن المراهقة.

الكثير من الأشخاص المصابين بالتوحد يعانون من الضعف المعرفي والإدراكي إلى حد ما. وخلافاً لحالات الضعف الإدراكي التي تتطور فيها المهارات بنسب متساوية نسبياً، فإن من يعانون من التوحد يظهرون نسباً متفاوتة في تطور المهارات المختلفة. فقد يعاني مرضى التوحد من مشاكل في بعض المجالات، خاصة القدرة على التواصل مع الآخرين. لكن قد تطور لديهم مهارات في مجالات أخرى، بشكل غير معتاد، مثل الرسم، الموسيقى، القدرة على حل المسائل الرياضية أو الحفظ. لهذا السبب، قد تكون علاماتهم أعلى – ربما في المتوسط أو أعلى من المتوسط – في اختبارات الذكاء غير اللفظية.

عادة ما تظهر الإصابة بمرض التوحد خلال الثلاث سنوات الأولى من حياة الطفل. بعض الأطفال تظهر لديهم علامات تشير إلى الإصابة بالمرض منذ الولادة. بينما يبدو آخرون، وكأنهم يتطورون بشكل طبيعي في البداية، ثم تبدأ الأعراض تحدث لهم بشكل مفاجيء خلال المرحلة العمرية ما بين 18 و36 شهراً. وتجدر الإشارة إلى أن الذكور عرضة للإصابة بالتوحد أربع مرات أكثر من الإناث. ومرض التوحد لا يرتبط بأي عوامل عرقية، إثنية أو اجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، فإن مستوى دخل الأسرة، نمط الحياة، أو المستويات التعليمية لا تؤثر على فرص إصابة الطفل بالتوحد.

ويقال أن التوحد في تزايد مستمر، إلا أنه ليس من الواضح تماماً إذا كانت هذه الزيادة ناتجة عن التغيرات التي طرأت على كيفية تشخيص المرض أم أنها بالفعل زيادة حقيقية في حالات الإصابة بالمرض.



تشمل بعض أنواع اضطرابات طيف التوحد المختلفة:

- اضطراب التوحد. هذا هو النوع الذي يتبادر إلى ذهننا عند سماع كلمة "التوحد". وهو يشير إلى وجود مشاكل تتعلق بأشكال التفاعل والتواصل الاجتماعي، واللعب التخيلي لدى الأطفال الأقل من 3 سنوات.

- متلازمة اسبرجر. هؤلاء الأطفال لا يعانون من أي مشاكل تتعلق باللغة. وفي الواقع، أنهم قادرون على تسجيل درجات في المتوسط أو فوق المتوسط في اختبارات الذكاء. لكنهم يعانون من نفس المشاكل الاجتماعية، ونطاق الاهتمامات المحدود مثلهم في ذلك مثل الأطفال المصابين باضطراب التوحد.

- اضطراب النمو المتفشي أو الشامل، والذي يُعرف أيضاً باسم التوحد الشاذ أو غير المحدد. يعاني الأطفال المصابون بهذا النوع من الاضطراب من وجود مشاكل وسلوكيات تدل على إصابتهم بالتوحد، إلا أنهم لا ينطبق عليهم أي تشخيص من التشخيصات الخاصة بأنواع اضطرابات طيف التوحد الأخرى.  

- متلازمة ريت. تحدث بشكل أساسي للفتيات، عادة ما يبدأ الأطفال الذين يعانون من متلازمة ريت في النمو بشكل طبيعي، ثم يبدأون في فقدان التواصل والمهارات الاجتماعية. وابتداء من عمر سنة وحتى 4 سنوات، تحل حركات اليد المتكررة محل الاستخدام الهادف والمفيد لليدين.

- اضطراب الطفولة التحللي (اضطراب الانفصال/ التحطم الطفولي). هؤلاء الأطفال ينمون بشكل طبيعي على الأقل لمدة سنتين، ثم يبدأون في فقدان بعض أو معظم مهارات التواصل والمهارات الاجتماعية الخاصة بهم. وهذا الاضطراب هو اضطراب نادر للغاية، والإصابة به كحالة مرضية منفصلة، هي موضع نقاش بين الكثير من المتخصصين في مجال الصحة النفسية.



ما أسباب الإصابة بالتوحد؟

لأن التوحد عادة ما ينتشر داخل الأسر، يعتقد معظم الباحثين أن تركيبات معينة من الجينات يمكن أن تجعل الطفل عرضة للإصابة بالتوحد. لكن هناك عوامل خطورة أخرى تزيد من مخاطر إصابة الطفل بالتوحد.

- كبر سن الأب أو الأم يزيد من فرص إصابة الأطفال بالتوحد.

- عند تناول المرأة الحامل إلى بعض الأدوية أو المواد الكيميائية، تزيد احتمالات إصابة طفلها بمرض التوحد. وتشمل عوامل خطورة الإصابة بالتوحد أثناء الحمل أيضاً؛ تناول الكحول، الحالات المرضية الأيضية المتعلقة بالحمل مثل مرض السكرى، والسمنة، واستخدام العقاقير المضادة للصرع والتشنجات أثناء الحمل. في بعض الحالات، ترتبط الإصابة بمرض التوحد بمرض الحصبة الألمانية ومرض الفينايلكيتونوريا phenylketonuria إذا لم يتم علاجه، (وهو عبارة عن اضطراب وراثي في عملية الأيض  نتيجة غياب أحد الإنزيمات).

- على الرغم من أنه في بعض الأحيان، يشار إلى أن التطعيمات يمكن أن تسبب الإصابة بالتوحد، إلا أنه حتى الآن لا توجد أي أدلة تؤكد هذا الاعتقاد.

- حتى الآن، لا تزال الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بمرض التوحد غير واضحة. لكن، يعتقد بعض الباحثين أن الإصابة بالتوحد قد تكون نتيجة وجود تشوهات في بعض أجزاء المخ المسئولة عن المدخلات الحسية واللغة.

لم يتوصل الباحثون إلى أي أدلة تشير إلى أن البيئة النفسية للطفل، مثل طريقة معاملة مقدمي الرعاية له، يمكن أن تسبب الإصابة بالتوحد.